في كتابه المنشور عام 1961 بعنوان"التفاسير الاسلامية الحديثة للقرآن" خصص(بلجون) جزءا للتفسيرات العلمية للقرآن. ثم ظهرت في عقد السبعينيات من القرن الماضي مؤلفات اخرى للذهبي والشرقاوي وجانسن خصصوا فيها مساحات واسعة تهتم بهذا التوجه، وقد سبق هؤلاء وهؤلاء دعاة ورواد مشروع النهضة العربية امثال: السلطان محمود الثاني ومحمد علي باشا وخير الدين التونسي ورفاعة الطهطاوي وجمال الدين الافغاني ومحمد عبدة والسيد احمد خان، كلهم تأثروا بالنهضة الاوروبية ورفعوا اصواتهم عاليا للتوفيق بين الدين وبين الاخذ بأسباب التقدم واللحاق بركب الثورة العلمية والصناعية.
وقد رأى هذا التيار من الدعاة لهذا التوجه انه امر جدير بالإطراء، بل ان القرآن والسنة كما يرون يحتويان على كم كبير من الحقائق العلمية لم تكتشف إلا في العصر الحديث بعد قرون عديدة من نزول القرآن الكريم، وقد بلغ هذا التوجه نضوجه في كتاب"الجواهر في تفسير القرآن الكريم" للطنطاوي الجوهري, وفيه يؤكد الجوهري ان القرآن يحتوي على(750) آية تتصل بشكل واضح بفيزياء الكون اضافة الى اكثر من(150) آية قرآنية تتصل بالشؤون القانونية.
ثم تجلت هذه الفكرة بشكل اقوى لدى محمد اقبال، فعبر عنها بأسلوب مؤثر ومنظم في كتابه"تجديد الفكر الديني في الاسلام" اورد فيه عددا كبيرا من الآيات القرآنية التي تركز على علامات الله في الظواهر الطبيعية، ويؤكد اقبال بأن الهدف المباشر من القرآن في الآيات التي تحض على التأمل بعث الوعي الانساني في ذلك الذي تعتبر الطبيعة رمزا له، ذلك ان القرآن يمثل الروح الحقيقية للثقافة الاسلامية من حيث انها، ولأغراض المعرفة، تركز نظرها على المحسوس المتناهي. ما جعل لفكره تأثيرا كبيرا فيما بعد على كثير من علماء المسلمين ومفكريهم المعاصرين، واعتبر انه ساهم الى حد كبير في تكوين العقل المسلم.